Saturday, January 19, 2008

حوار مع ميشيل دن


ميشيل دن: كبيرة الباحثين في معهد كارنيجي للسلام

من حق الشعب المصري أن تتاح له الفرصة لممارسة الديمقراطية

حوار مجدي سمعان
المصري اليوم ١٨/١/٢٠٠٨

تعتقد ميشيل دن، كبيرة الباحثين في معهد كارنيجي للسلام الدولي، رئيسة تحرير «نشرة الإصلاح العربي» أن الشعب المصري من حقه أن تتاح له الفرصة ليقرر موقفه تجاه الديمقراطية، بعيداً عن وصاية من أحد، وتري أن النظام الحاكم في مصر لم يسمح بمنافسة حقيقية، فهي تتطلب شجاعة التخلي عن السلطة والتسليم بإمكانية تداولها.
عملت ميشيل دن في البيت الأبيض فيما بين عامي ٢٠٠٢ و٢٠٠٣، وحاولت خلال هذه الفترة رأب الصدع في العلاقات الأمريكية مع الدول الإسلامية، والتأكيد علي الفصل بين الحرب علي الإرهاب والإسلام كدين، ونظمت لقاءات جمعت الرئيس بوش بالجالية الإسلامية في الولايات المتحدة، وتعتبر من أبرز خبراء الشأن المصري في مركز البحوث الأمريكية.
التقينا بها أثناء زيارتها القاهرة لحضور مؤتمر الحزب الوطني الذي دعيت إليه للمرة الثالثة علي التوالي.
هناك حالة من الإحباط العام تسود الأوساط السياسية والشعبية في مصر، هل يبدو لك الأمر محبطاً؟
- أي بلد في مرحلة تغيير أو مرحلة انتقالية يشهد فترة من النشاط، تعقبها فترة من الركود، ثم تعود القوة السياسية للنشاط مرة أخري، وذلك لأن التغير السياسي لا يسير في خط مستقيم.
كنت قلقة بخصوص بعض التطورات في مصر مؤخراً، إلا أنني أعتقد أن هناك تطورات مهمة حدثت تبعث علي التفاؤل، مثل حرية التعبير، وظهور الإعلام المستقل، والتوسع في المنظمات غير الحكومية، لكن للأسف رأينا مؤخراً الحكم علي رؤساء تحرير الصحف في أمور متعلقة بانتقاد الحكومة، علاوة علي إغلاق منظمتين حقوقيتين، وأتمني ألا يكون هذا توجهاً جديداً لدي الحكومة.
ويبدو لي أنه مازال هناك نوع من الحيوية والشجاعة في الإعلام والصحافة، وأن الناس علي استعداد لمواصلة الضغط من أجل حرية تعبير أكبر، حتي لو واجهوا مشاكل من الحكومة، وآمل أن يستمر هذا، وأن تكون القضايا الأخيرة مجرد حالات فردية لا تعبر عن اتجاه عام للعودة عن الحريات، التي تم اكتسابها خلال العامين الماضيين.
هل تلمسين من خلال حضورك مؤتمر الحزب الوطني الأخير أن هناك نية للتوريث؟
- من الملاحظ أنه في كل مرة ينعقد مؤتمر الحزب الوطني تزداد أهمية دور جمال مبارك، ويظهر كأبرز مرشح، وهناك أشياء كثيرة تم ترتيبها لكي يصبح المرشح الأبرز للحزب الوطني، لكن هناك الكثير من الأشياء التي لا نعلمها، والتي ستؤثر علي الانتخابات الرئاسية القادمة، ماذا ستكون الظروف؟ وماذا سيحدث في ذلك الوقت؟! أعتقد أنه من الصعب جداً معرفة هذا مسبقاً.

هل تعتقدين أن النظام الحالي في مصر يمكن أن يستمر في اتجاه فتح المجال السياسي بشكل حقيقي؟
- يمكنهم إذا أرادوا، لكن المشكلة أنهم الآن يقولون إنهم يصلحون القوانين والدستور، ولكن ما لم يفعلوه أنهم لم يفتحوا الباب بشكل حقيقي لمنافسة حقيقية، وهذا شيء لابد أن يفعلوه، لابد أن يواجهوا هذا الأمر ويقرروا إذا كانوا يؤمنون بتداول السلطة، عن طريق السماح بالمنافسة وإمكانية أن يخسروا الانتخابات يوماً ما، هذا أمر بمقدورهم أن يفعلوه، لكنه صعب للغاية علي أي مجموعة بقيت في السلطة أن تتخلي عنها.
كتبت في ورقة بحثية، بالاشتراك مع الدكتور عمرو حمزاوي والدكتور نيثان بروان أن الفترة المقبلة ستكون مهمة جداً في العلاقات المصرية - الأمريكية، لأن هذه المرحلة ستشهد انتخاب رئيس مصري جديد.. هل تعتقدين أن الولايات المتحدة تعلم من ستساند لخلافة مبارك؟
- أنا متأكدة بشكل كامل بشأن هذا الأمر أكثر من تأكدي بالنسبة لمن سيخلف مبارك، فلا توجد رؤية محددة للولايات المتحدة فيمن تساند، ولا يوجد حتي مجرد حوار بين الولايات المتحدة والحكومة المصرية بخصوص من سيأتي بعد مبارك، فقد أخبرني مسؤولون أمريكيون أنهم يريدون سحب يدهم من هذا الأمر، وهم يعتقدون أنه ليس من المناسب التدخل ومساندة مرشح بعينه.
إن حكومتنا لا تفكر بشكل استراتيجي لمشكلات مستقبلية، وحتي أكون أمينة فالإدارة تتعاطي مع المشاكل الآنية، وليست لديهم رؤية استراتيجية.
هل توقفت الإدارة الأمريكية عن دعم الديمقراطية؟
- أود التأكيد علي أن التغيير في مصر هو مسألة تخص المصريين، وليس الولايات المتحدة.
وإذا كان الاتجاه الآن في الولايات المتحدة يبتعد عن نشر الديمقراطية، فإن الحديث عن الأمر سيعود ربما ليس خلال هذه الإدارة، وربما سيشجع الولايات المتحدة علي استئناف دعمها للديمقراطية في مصر بنفس القوة التي كانت بين ٢٠٠٣ و٢٠٠٥ ما سيقوم به الناس في هذه المنطقة وما إذا كان سيكون هناك حراك ديمقراطي عندها سيكون علي الولايات المتحدة القيام برد فعل حيال ذلك.
مسألة نشر الديمقراطية في العالم كله كانت دائماً جزءاً من السياسة الخارجية الأمريكية، والأمر الجديد في إدارة الرئيس بوش هو التركيز علي نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط.. بوش لم يخترع هذه السياسة فكل الرؤساء الأمريكيين السابقين كان لهم باع في هذا الأمر.
ألم يكن نشر الديمقراطية جزءاً من خدمة المصالح الأمريكية بالخارج؟
- أحياناً.. لكن لا تنس أنه كانت هناك علاقة صداقة بين الإدارة الأمريكية والحكام الديكتاتوريين، ووقفت الإدارة بجانب القوي الإصلاحية، مثلما حدث علي سبيل المثال في الفلبين.
المصالح الأمريكية دائماً مهمة ومسألة نشر الديمقراطية بالخارج واحدة من هذه المصالح، لكنها ليست المصلحة الوحيدة.
والسؤال هو: هل كانت مسألة نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط تحظي باهتمام الإدارة الأمريكية؟ الإجابة أنه لم يكن هذا الأمر علي الأجندة الأمريكية كلية، لكنه الآن أصبح علي رأس الاهتمامات الأمريكية في المنطقة، ولفترة وضعه بوش علي رأس الأجندة ولكن الآن تراجع إلي الوراء لكنه لم يختف كلية.
لكنهم يساندون الآن الأنظمة الديكتاتورية في الشرق الأوسط أكثر من مساندة الحركات الديمقراطية.
- لم أكن أنتظر من الإدارة الأمريكية والرئيس بوش أن يقطع العلاقات بالأنظمة القديمة.
لكن الإدارة الأمريكية تقدم الدعم لهذه الأنظمة من أجل البقاء؟
- الإدارة لديها علاقة مستمرة مع هذه الأنظمة وتقدم لها مساعدات عسكرية مستمرة، وللعلم فهذه المساعدات يستفيد منها الجانبان. ولا أعتقد أن استمرار هذا التعاون ينظر إليه من جانب الإدارة علي أنه مساعدة لهذه الأنظمة للبقاء في الحكم. فهم يحاولون مثلاً تشجيع الحكومة المصرية علي فتح تدريجي للمجال السياسي للمنافسة السياسة، وتطوير المؤسسات السياسية. إن مساندة التحول الديمقراطي لا تعني أنهم سيقطعون العلاقات فجأة مع كل الحكومات في المنطقة.
ما رأيك في التهديدات المستمرة بقطع المعونة الأمريكية لمصر؟
- في اعتقادي أن هذا لن يحدث هذا العام، ولكن الأمر المهم أننا نسمع عاماً بعد الآخر مطالب متزايدة من الكونجرس بخصوص المساعدات، وهذا ما أعنيه من أن العلاقات المصرية - الأمريكية بحاجة إلي تجديد.
الناس في كلا البلدين يريدون أن تستمر العلاقات ولكن يجب عليهم أن يدرسوا كيفية إعادة بناء العلاقات.
دائماً كانت العلاقات المصرية - الأمريكية تسير علي قدمين، إحداهما تعتمد علي التعاون والمسائل الإقليمية، وهذا المحور يعتمد علي الدبلوماسية والعلاقات العسكرية والاستراتيجية، والقدم الأخري هي التعاون للتطوير والإصلاح في مصر.
بعد انتخابات ٢٠٠٥، ونجاح حماس وحصول الإخوان علي ٢٠% من مقاعد مجلس الشعب، وما تبع ذلك من تراجع الإدارة الأمريكية عن دعم الديمقراطية، كيف ستحل الإدارة الأمريكية جدلية العلاقة بين الرغبة في الدفع في اتجاه نشر الديمقراطية والخوف من وصول الإسلاميين للحكم؟
ـ لا شك أن انتخاب حماس في فلسطين أدي إلي مشكلة كبيرة بالنسبة للإدارة الأمريكية، ومع ذلك حتي الآن الرئيس بوش يدافع عن الدعم الأمريكي للانتخابات الفلسطينية، ويقول إن دعم الانتخابات الفلسطينية كان الشيء المناسب الذي كان يجب فعله، وأن الانتخابات كانت حرة ونزيهة.
المشكلة كانت مع حماس بسبب وصولها للسلطة، واستعمال الإرهاب، والرغبة في تدمير إسرائيل، لكن اشتراك الإخوان المسلمين في البرلمان المصري لم يكن مشكلة كبيرة في وجهة النظر الأمريكية.
هل يعني ذلك أنهم من الممكن أن يقبلوا بفوز الإخوان بالانتخابات البرلمانية في مصر؟
- الآن هم لا يتوقعون فوز الإخوان بالأغلبية حتي في البرلمان وليس الرئاسة، لكن الإدارة الأمريكية ليس لديها أي مشكلة في مشاركة الإخوان في الحياة السياسية في مصر، المشكلة الحقيقية كانت حماس، وطبعاً ذلك يمكن أن يكون بسبب أن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني قضية حساسة جداً للولايات المتحدة، فقد تعرضت الإدارة لانتقادات شديدة بسبب حماس، وعلت بعض الأصوات عقب الانتخابات الفلسطينية تلوم الإدارة وتقول: أنتم أفسدتم كل شيء في فلسطين بسبب تشجيعكم الديمقراطية.
وما رأيك في الخوف من وصول الإخوان للحكم؟
- ٧٠% من المصريين لا يشاركون في الانتخابات، ومن ثم لا نعرف ما هي توجهاتهم وماذا يريدون.. من سيؤيدون.. لا نعرف، وأعتقد أن الشعب المصري يستحق أن تتاح له الفرصة للتعبير عن نفسه سياسياً وتنظيمياً.
لماذا فشلت المنطقة العربية في اللحاق بالموجة الثالثة من الديمقراطية؟، وإلي متي ستظل تفشل؟، ومتي ستلحق بأي موجة من موجات الديمقراطية؟
ـ أعتقد أن التغيير السياسي قادم للعالم العربي، ونحن نري علامات لذلك الآن، لكن صعب بالنسبة لي التنبؤ بذلك، لقد رأينا تغييرات علي الهامش، لكن حتي الآن لم نشهد تغييراً حقيقياً في أي من الدول العربية، الدول الوحيدة التي حدثت فيها تغييرات كبيرة هي العراق، وذلك بسبب الغزو العسكري، وفلسطين، التي تشهد الآن فوضي عارمة.
رأينا تطورات كبيرة في مجال نشر المعلومات وحرية التعبير، وزوال التابوهات.. ونري جيلاً جديداً متصلاً بشكل أكبر مع العالم الخارجي، ورغبة الكثيرين أن يروا هذا البلد متنافساً مع العالم في ظل العولمة.
شهدنا تغييرات كبيرة، ولكن متي ستترجم هذه التغييرات إلي تغيير سياسي حقيقي؟ لست متأكدة، ولكن أعتقد أن هذا سيحدث يوماً.

1 comment:

simplice said...

very good brother !

we keep the contact !